دائمًا ما يجوب مهندسو الروبوتات عالم الحشرات بحثًا عن الإلهام. يربط البعض منهم أجهزة استشعار مطبوعة ثلاثية الأبعاد بصراصير مدغشقر، بينما ينشئ البعض الآخر حشرات آلية بالكامل مستوحاة من الطرق التي تتحرك بها الحشرات.
من جانبه قال كيفن تشين؛ الأستاذ المساعد في الهندسة الكهربائية بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا: “إذا فكرنا في وظائف الحشرات التي لا تستطيع الحيوانات أداءها فهذا يلهمنا للتفكير فيما يمكن أن تفعله الروبوتات الأصغر حجمًا ولا تستطيع الروبوتات الأكبر حجمًا فعله”.
قال الخبراء إن البحث يسير بخطى سريعة لعدة أسباب، منها أن المستشعرات الإلكترونية أصبحت أصغر حجمًا وأفضل، ويرجع ذلك إلى الساعات الذكية وأبحاث الهواتف الذكية. وقد تطورت تقنيات التصنيع؛ ما جعل من السهل بناء الأجزاء الصغيرة.
كما أن تكنولوجيا البطاريات الصغيرة آخذة في التحسن أيضًا.
التحديات
لكن لا تزال هناك تحديات عديدة. لا تستطيع الروبوتات الصغيرة أداء مهام عمل الروبوت الأكبر حجمًا. على الرغم من تحسن البطاريات إلا أنها تحتاج إلى أن تكون أصغر حجمًا وأكثر قوة.
كذلك يجب أن تصبح الأجزاء المصغرة التي تحوّل الطاقة إلى حركة آلية، وتسمى “المشغلات”، أكثر كفاءة. ويجب أن تكون المستشعرات أخف وزنًا.
من جهته يقول سوير بي فولر؛ الأستاذ المساعد الذي يدير مختبر روبوتات الحشرات الذاتية بجامعة واشنطن: “نبدأ بالنظر في كيفية حل الحشرات لهذه المشكلات، ونحن نحقق تقدمًا كبيرًا. لكن هناك الكثير من الأشياء ليست لدينا بعد”.
ويؤكد الباحثون أن الكثير من أبحاث الروبوتات الحشرية يمكن تقسيمها إلى مجالات قليلة. يقوم بعض العلماء ببناء روبوت كامل لتقليد حركة وحجم الحشرات الحقيقية، مثل: النحل وحشرات البرق المضيئة.
ووضع آخرون الإلكترونيات على الحشرات الحية للتحكم فيها ؛ ما أدى بشكل أساسي إلى إنشاء سايبورغ (كائنات لها جوانب عضوية وميكانيكية). بينما يقوم البعض بتجربة هجين يربط أجزاء من حشرة حية، مثل الهوائيات، بإنسان آلي.
بدأ المهندسون الآليون في البحث عن الحشرات للحصول على الإلهام منذ حوالي 10 إلى 15 عامًا. في ذلك الوقت كان عدد قليل من المعامل البحثية يدرسها.
قال تشين: “قبل عشر سنوات كان ذلك الأمر أشبه بالخيال العلمي”.
الصرصور الذكي
في اليابان كشف الباحثون النقاب عن حشرة إلكترونية غريبة قادرة على التحرك في أي بيئة طبيعية؛ بمساعدة وحدة تحكم عن بعد متكاملة وبطارية شمسية.
الفكرة هي تكليف هذه الروبوتات الصغيرة بمهام المراقبة البيئية في الأماكن التي يصعب الوصول إليها.
طور فريق دولي بقيادة باحثين من معهد أبحاث Riken الياباني صرصورًا إلكترونيًا، مزودًا بوحدة تحكم لاسلكية صغيرة، ومدعومًا ببطارية يمكن إعادة شحنها باستخدام الطاقة الشمسية وحدها.
المواد الرفيعة والخفيفة والمرنة المستخدمة في صنعها تسمح لهذه “الحشرة الإلكترونية” الغريبة بالتحرك بسهولة لاستخدامات عملية.
الفكرة هنا هي أن تكون قادرًا على التحكم عن بعد في هذه الروبوتات الصغيرة. من الواضح أن التحدي كان يتمثل في تصغير جميع المكونات الضرورية لأداء الجهاز بشكل صحيح إلى أقصى الحدود.
يبلغ طول الصرصور الإلكتروني أكثر من 6 سم ويبدو وكأنه صرصور حقيقي بحركات طبيعية نسبيًا.
تمت طباعة بعض الأجزاء ثلاثية الأبعاد لإنشاء سطح منحنٍ قليلًا. وفي الوقت نفسه يبلغ سمك الوحدة التي تحتوي على الخلايا الشمسية 0.004 مم فقط!
لو كان أكثر سمكًا لكان قد أدى إلى إبطاء حركة الروبوت بشكل كبير، بل ومن شأنه أن يمنعه من قلب نفسه مرة أخرى بعد السقوط.
ويقود كينجيرو فوكودا؛ الباحث بمختبر الأجهزة الرقيقة في اليابان Riken، فريقًا يربط مستشعرات مطبوعة ثلاثية الأبعاد على بصراصير مدغشقر الحية. وتعمل تلك المستشعرات مثل حقيبة ظهر صغيرة تحتوي على ألواح شمسية للطاقة. وهي تضم مستشعر بلوتوث للتحكم عن بعد وأجهزة كمبيوتر متخصصة تتصل ببطن الصرصور وترسل صدمات صغيرة لتوجيهه إلى اليسار أو اليمين.
يتصور “فوكودا” أن هذه الصراصير السايبورغ تساعد في حالات الطوارئ، مثل الزلزال. وقال إن الناجين قد يكونون تحت الأنقاض ويصعب رؤيتهم بالعين المجردة.
يمكن التحكم في الصراصير عن بعد وإطلاقها في الأنقاض باستخدام المستشعرات وثاني أكسيد الكربون وكاميرات على ظهورها؛ ما يساعد في العثور على الأشخاص الذين يحتاجون إلى الإنقاذ.
قال فوكودا: “لا يمكن للناس الكبار الدخول تحت الأنقاض، الحشرات الصغيرة أو الروبوتات الصغيرة تستطيع ذلك”.
وأضاف أنه يمكنه أيضًا تطبيق هذا النهج على الحشرات الأخرى ذات الأصداف الكبيرة، مثل الخنافس.
اقرأ أيضًا:
كيف تمكّنت الحشرات المتزلجة من احتلال المُحيطات؟