ماذا لو تمكنت من لمس أحد أفراد أسرتك أثناء مكالمة فيديو، خاصة في عصر التباعد الاجتماعي الحالي لـ COVID-19، أو التقاط أداة افتراضية والتعامل معها في لعبة فيديو؟
تمكن الدكتور “ثانه نهو دو”؛ محاضر ومدير مختبر الروبوتات الطبية بجامعة “نيو ساوث ويلز”، من تأليف أول دراسة تعرض جهاز القفازات الجديد.
وشارك الدكتور “دو” فريق عمل بحثي ضم كلًا من المؤلف الرئيسي ومرشح الدكتوراه “ماي ثانه تاي”، و”فوك ثين فان”، و”ترونج ثين هوانج”، و”نايجل لوفيل”، رئيس كلية الدراسات العليا في الهندسة الطبية الحيوية.
وأشار “دو” إلى أن حاسة اللمس كانت وما زالت شيئًا يعتبره الكثير من الأشخاص أمرًا مفروغًا منه لأداء المهام اليومية، مضيفًا “عندما نفعل الأشياء بأيدينا، مثل حمل الهاتف المحمول، أو الكتابة على لوحة المفاتيح، فإن كل هذه الإجراءات مستحيلة بدون اللمس”.
وتابع: “تتمتع اليد البشرية بكثافة عالية من المستقبلات اللمسية وهي منطقة مثيرة للاهتمام وصعبة في نفس الوقت لتشفير المعلومات من خلال التحفيز اللمسي؛ لأننا نستخدم أيدينا لإدراك معظم الأشياء كل يوم، وهناك العديد من المواقف التي تكون فيها حاسة اللمس مفيدة ولكنها مستحيلة، على سبيل المثال، في استشارة الرعاية الصحية عن بُعد، لا يستطيع الطبيب فحص المريض جسديًا، لذلك؛ هدفنا هو حل هذه المشكلة”.
وكانت جامعة “نيو ساوث ويلز” نشرت مؤخرًا دراسة حول الجهاز اللمسي الجديد في مجلة Access التابعة لمعهد مهندسي الكهرباء والإلكترونيات (IEEE)، أعرب خلالها الدكتور “دو” عن شكره للباحثين الذين كانوا متحمسين للغاية بشأن تقنيتهم اللمسية الجديدة والتي قاموا بتطبيقها للحصول على براءة اختراع.
وقال: “إن جهاز شد الجلد ثلاثي الاتجاهات (SSD) المدمج في أطراف أصابع القفاز اللمسي القابل للارتداء الذي صنعناه ناعم وقابل للتمدد ويحاكي حاسة اللمس، وسيقدم أشكالاً جديدة من الاتصال اللمسي لتعزيز الأنشطة اليومية”.
واستدرك قائلًا: “ما يميز تقنيتنا الجديدة أيضًا أنها قابلة للتطوير ويمكن دمجها في المنسوجات لاستخدامها في العديد من التطبيقات المحتملة مثل الرعاية الصحية عن بُعد، والأجهزة الطبية، والروبوتات الجراحية، والتدريب، والواقع المعزز والافتراضي، والتشغيل عن بُعد، والإعدادات الصناعية”.
ويهدف الجهاز إلى حل مشكلة شائعة في الأنظمة الناشئة كالأجهزة المساعدة، والجراحة عن بُعد، والسيارات ذاتية القيادة، وتوجيه الحركات البشرية؛ حيث يمكن أن تكون التغذية الراجعة المرئية أو السمعية بطيئة وغير بديهية وتزيد من العبء المعرفي.
لماذا تحتاج تقنية اللمس إلى التحسين؟
أشارت المؤلفة الرئيسية للدراسة “ماي ثانه تاي” إلى أن التكنولوجيا الحالية تواجه صعوبة كبيرة في إعادة إحساس اللمس بالأشياء في البيئات الافتراضية أو الموجودة عن بُعد.
وقالت “تاي”: “من السهل تكرار الإشارات المرئية أو السمعية، إلا أن إعادة إنتاج الإشارات اللمسية في البيئة الافتراضية أكثر صعوبة؛ حيث يمكننا رؤية الأشياء ولكننا غير قادرين على الشعور بها كما لو كنا نلمسها مباشرة”.
وأكدت قائلة: “يكاد يكون من المستحيل تمكين المستخدم من الشعور بشيء يحدث في جهاز كمبيوتر، أو هاتف ذكي باستخدام واجهة لمسية، مثل النظارات الذكية المتوفرة تجاريًا”.
وتابعت: “الاهتزاز هو أكثر تقنيات اللمس شيوعًا اليوم وهو مدمج في العديد من الأجهزة الإلكترونية، مثل محرك Taptic الذي يتم توصيله بالجزء الخلفي من لوحة التتبع في أجهزة الكمبيوتر المحمولة، والذي يحاكي النقر على الزر”.
وأضافت: “إن ردود الفعل اللمسية مع الاهتزاز تصبح أقل حساسية عند استخدامها بشكل مستمر أو عندما يكون المستخدمون في حالة حركة؛ ما يؤدي إلى إزالة الحساسية وضعف وظائف الجهاز”.
كيف يعمل جهاز اللمس الجديد؟
صرح الدكتور “دو” بأن التكنولوجيا الجديدة للباحثين تغلبت على مشاكل الأجهزة اللمسية الحالية؛ من خلال إدخال طريقة جديدة لإعادة إحساس لمسي فعال عبر “عضلات” اصطناعية طرية صغيرة.
وأضاف “بواسطة القفاز اللمسي الناعم الذي يمكن ارتداؤه يستطيع الأشخاص الشعور بأشياء افتراضية أو بعيدة بطريقة أكثر واقعية وغامرة؛ حيث تولد العضلات الاصطناعية الناعمة المضمنة قوى طبيعية وحسًا كافيًا لأطراف أصابع المستخدمين من خلال اللباقة الناعمة؛ ما يمكنهم من إعادة إنتاج الإحساس بشكل فعال من اللمس”.
وسلط “دو” المزيد من الضوء حول كيفية عمل الجهاز قائلًا: “تخيل أنك في أستراليا أثناء وجود صديقك في الولايات المتحدة، وأنت ترتدي قفازًا لمسيًا مع محركات أقراص الحالة الصلبة المدمجة ثلاثية الاتجاهات في أطراف الأصابع، ويرتدي صديقك أيضًا قفازًا مزودًا بأجهزة استشعار قوة ثلاثية الأبعاد مدمجة”.
وتابع “فإذا التقط صديقك شيئًا فسيضغط جسديًا على أصابعك وستقوم قفازته المزودة بأجهزة استشعار القوة الـ 3D بقياس هذه التفاعلات، وإذا تم إرسال إشارات القوة الـ 3D هذه إلى قفازك اللمسي، فإن محركات الأقراص ذات الحالة الثابتة ثلاثية الاتجاهات المدمجة ستولد هذه القوة 3D الدقيقة في يدك؛ ما يتيح لك تجربة نفس حاسة اللمس مثل صديقك”.
الآثار المترتبة على التكنولوجيا الجديدة
تناول الدكتور “دو” خلال حديثه مجموعة من الفوائد الواسعة التي ستعم على الجنس البشري من خلال القدرة على إعادة إنتاج حاسة اللمس بشكل فعال عبر جهاز اللمس الجديد القابل للارتداء، منها على سبيل المثال، عندما كان الأشخاص يعتمدون على مكالمات الفيديو خلال جائحة COVID-19 للبقاء على اتصال مع أحبائهم.
وأضاف “وعلى عكس الأجهزة اللمسية الحالية، فإن تقنيتنا ناعمة وخفيفة الوزن ورقيقة، وبالتالي، نأمل في أن يتمكن المستخدمون من دمجها فيما يرتدونه لتوفير تجارب لمسية واقعية في الإعدادات بما في ذلك إعادة التأهيل، والتعليم، والتدريب، والاستجمام”.
وتابع “ويمكن لتقنيتنا الجديدة أن تمكن المستخدم من الشعور بالأشياء داخل عالم افتراضي أو على مسافة، على سبيل المثال، يمكن للعالم أن يشعر بصخرة افتراضية من كوكب آخر دون أن يغادر مختبره، ويمكن للجراح أيضًا أن يشعر بأنسجة أعضاء المريض بأدوات جراحية بدون لمسها مباشرة”.
واختتم “دو” حديثه قائلًا: “تتمثل الخطوة التالية في إجراء تقييمات المستخدمين للتحقق من مدى فعالية الجهاز؛ لأن النطاق الرئيسي لبحثنا الحالي يركز على تصميم وتصنيع وتوصيف التكنولوجيا الجديدة”.
المصدر:
Sciencedaily: New glove-like device mimics sense of touch
Leave a Reply